هنا ذرفت عينا ذلك الرجل العظيم الذي لم يبك في يوم من أيام حياته لضربة سيف، أو طعنة رمح، أو رشقة سهم، وعلا صوت نحيبه ونشيجه كما يفعل النساءالضعيفات في مواقف حزنهن وثُكلهن، وما كان مثله أن يبكي أو يذرف دمعة واحدة من دموعه لو أن الذي كُتب له في صحيفة الغيب من الشقاء، كان الوقوف بين السيف والنطع....ولكنه الشرف، شديدٌ جدّا على صاحبه أن تنزل به نازلةُ مذلةٍ، أو أن يتصل به ظفر جارح من أظفار الهوان، فإذا شعر بشيء من ذلك هاله وراعه، وخارت عزيمته ووهنت قوّته، فبكى بكاء الضعفاء، وأعول إعوال النساء.مصطفي المنفلوطي