كثيراً ما يسرق السارق، فإذا قضى مأربه من عمله .. رفع يديه إلى السماء متضرَّعاً إلى الله تعالى أن يرزقه المال حلالاً حتى لا يتناوله حراماً، وكثيراً ما يقتل القاتل، فإذا فرغ من أمره، جلس بجانب قتيله يبكي عليه بكاءَ الثّاكلِ وحيدها، ويتمنّى بجدع الأنف لو ردَّ إليه حياته ، وافتداه بنفسه. أما السياسيّ فلا يرى يوماً في حياته أسعد من اليوم الذي يعلم فيه أن تمّ له تدبيره في هلاك شعبٍ وقتل أُمّة، وآية ذلك أنه في يوم انتصاره - كما يسمّيه هو أو في يوم جريمته - كما أسمّيه أنا وتسمّيه العدالة الإنسانية - يسمع هتاف الهاتفين باسمه، واسم الجريمة التي ارتكبها مطئنّ القلب مُثَلَجَ الصَّدر حتى ليخيّل إليه أنّ الفضاء بأرضه وسمائه أضيقُ من أن يسع قلبه الطائرَ المحلّق فرحاً وسروراً. مصطفي المنفلوطي