والقلب في بيت القلب يعتصر كأنما تقبضه يد الموت ويموت. يحدقون فيك ولا يرف لهم جفن. يلقون بك في قبو وحدك لا تقدر حتى على البكاء، وعندما تقدر تذرف الدمع الغزير، ليس لأن البدن يوجع، ولكنك تبكي على تلك المزق الآدمية التي تعرف أنها أنت، تبكي على حالك وعلى هجر حبيب في الزرقاء العالية تركك وحدك تصطلي بنار لم يعد الله بها قومه الصالحين. وحدك في سجنك المظلم تحاصرك الوحشة ولا ضوء سوى ذؤابة شمعة ذابلة يرتعش معها على الجدار طيف المحقق الذي يلازمك وإن غاب، خيال يعظم خطه الصاعد مائلاً على الجدار، يحدد ظل وطواط هائل ينشر سواده الملتصق بحجر الجدار. وحدك في سجنك لا يشاركك فيها سوى جرذان لأنها حياة تذكرك بالحياة، وبعد شهور ينقلونك إلى حيث يتبدد شيء من وحشة روحك. يصير لك رفاق يسكنون معك في قبو أيامك ولياليك. تأتلف القلوب المحزونة، طاقة ضوء في عتمة الجدار. رضوى عاشور