إنما الناس صور الفكر أو صور القلب، فدنيا كل إنسان في شيئين: ما ينزع إليه بفكره، وما يميل إليه بقلبه، والإنسان من كل إنسان أحد اثنين: من تَرجى به المنفعة، ومن تكون فيه المحبة، والإنسانية من كل إنسان في منزلتين: أدنى الحب، وتلك هي منزلة الصداقة، وأعلى الصداقة، وهي منزلة الحب، فأما ما وراء ذلك فصحراء الإنسانية الكبرى المقفرة من قلب الشخص وفكره. ولولا الأديان لخربت الدنيا، فإن هذه الأديان قد عمرت هذه الصحراء بعنصرين جليلين أنبتا فيها القلب والفكر، وهما: خوف الله في خلقه، ومحبة الله فيهم، فحيث وُجد هذا الخوف وهذه المحبة، وُجدت الإنسانية، وعلى ذلك فالإنسانية العامة الحقيقية هي الإيمان، والإيمان العامُّ الصحيح هو المؤمن، والسلام العامُّ الكامل هو الله جل جلاله.مصطفي صادق الرافعي