لهذا يشتد ديننا الإسلامي مع المرأة، فهو يخلق طبائع المقاومة في المرأة، ويخلقها فيما حولها، حتى ليخيل إليها أن السماء عيون تراها، وأن الأرض عقول تُحصي عليها؛ وهل أعجب من أن هذا الدين يقضي قضاءً مبرمًا أن تكون ثياب المرأة أسلوب دفاع لا أسلوب إغراء، وأن يضعها من النفوس موضعًا يكون فيه حديثها بينها وبين نفسها كالحديث في الراديو له دوي في الدنيا، فيقيم عليها الحجاب، وغيرة الرجل، وشرف الأصل؛ ويؤاخذها بروح طبيعتها، فيجعل الهفوة منها كأنها جنين يكبر, ولا يزال يكبر حتى يكون عار ماضيها وخزي مستقبلها. هذه كلها حُجُب مضروبة لا حجاب واحد، هي كلها لخلق طبائع المقاومة، لتيسير المقاومة، ومتى جاء العلم مع هذه لم يكن أبدًا إطلاقًا، ولم يكن أبدًا إلا الحجاب الأخير كالسور حول القلعة؛ ولكن قبح الله المدنية وفنها؛ إنها أطلقت المرأة حرة، ثم حاطتها بما يجعل حريتها هي الحرية في اختيار أثقل قيودها لا غير. أنت محمل بالذهب، وأنت حر ولكن بين اللصوص؛ كأنك في هذا لست حرًّا إلا في اختيار من يجني عليك! لم تعد المرأة العصرية انتصار الأمومة، ولا انتصار الخُلُق الفاضل، ولا انتصار التعزية في هموم الحياة؛ ولكن انتصار الفن، وانتصار اللهو، وانتصار الخلاعة.مصطفي صادق الرافعي