إنما الناس صور الفكر والقلب، فهم منقسمون حين يولدون أسباطاً أسباطاً باختلاف الدم في كل أسرة، وهم متفرقون حين ينشئون أفواجاً أفواجاً باختلاف الصحبة في كل فئة، وهم متباينون حين يندفعون أحزاباً أحزاباً باختلاف الهوى في كل طائفة، وهم متناكرون حين يتنازعون أمماً أمماً باختلاف المنفعة في كل أمة، فتلك أربعة وجوه تلبسها الإنسانية فيهم، ومن ثم قضي على هذه الإنسانية المسكينة في الأرض أن تكون ثلاثة أرباعها عداوة، كالأرض نفسها: ثلاثة أرباعها ماءٌ ملح لا يُساغ ولا يشرب، وإنما منفعته للكون كله في الجملة!..مصطفي صادق الرافعي