ولو كانت روح كل محب لا تنتزعَ إلا بقُبلة ولا تفيض إلا مع الإبتسام ولا تجد قفل باب السماء هذا الفمَ الورديّ الدقيق، لتغّير نظام القلب الإنساني ولصارت كل نبضة من نبضاته كأنها خطوة واسعة في قطع المسافة بين الدنيا والآخرة، إذ يكون للحياة وقتئذ ما عهدناه من بغض الموت. ويكون للموت ما نعرفه من حب الحياة. ولو لم تكن في الأرض هذه الوجوه الجميلة لما صلُحت الأرض للحياة العاقلة ولا نشأ فيها عقل واحد يستطيع أن يجد دليلاً على وجود الله فإن تلك الوجوه الفتانة بما تحوي من المعاني التي تشبه في إقناعها للنفس من النظرة الأولى ما تحويه أقوى البراهين المنطقية - إنما هي في الحقيقة الصفحات الأولى من كتاب المنطق الإلهي، واعتبر ذلك بهؤلاء المَلاحِدة الذين ينكرون الخالق فإن أخبثهم إلحاداً لا يكون إلا أشدّ الناس بغضاً لطهارة الجمال.مصطفي صادق الرافعي