منذ طفولتي وأنا أُوصف بالمطيورة. في المرحلة الإبتدائية كانت هذه الملحوظة تتكرر في الشهادة الشهرية، مضافاً إليها في الغالب أنني ثرثارة. أنسى أشيائي في المدرسة. أصطدم بهذا الشيء أو ذاك: باب، حائط، شجرة، عمود نور أو حفرة في الطريق أتعثّر فيها. وفي يوم سقطت هكذا فجأة وأنا أقف في فناء المدرسة مع زميلاتي. صِحْنَ: إيه اللي حصل؟ بهدوء أجبت: اتكَعْبِلْت. اتْكَعْبِلْتِ ف إيه؟ اتكعبلت في نفسي. انقلب الفزع إلى صخب وقهقهة، وذهبت العبارة والواقعة مثلاً. أما أن أترك شيئاً كأنه لا يخصني وأذهب في أمان الله، فلاحصر لوقائعه: أنسى حقيبة كتبي أو سترتي الصوفية في أوتوبيس المدرسة. أضع محفظتي أمامي في مكتبة جامعة القاهرة أو مكتبة جامعة ماساشوستس وتأخذني القراءة وحين أنتهي، أُعيد الكتاب وأغادر. أنسى محفظتي تراود من يستجيب لها. أنسى حقيبة يدي في القطار المتجه إلى البلدة التي يعقد فيها المؤتمر، فأجلس على مقعد خشبي على الرصيف في انتظار وصول القطار إلى المحطة التالية، وردّ ناظر المحطة إن كانوا وجدوا الحقيبة في القطار. العجيب، كانت النهايات، على طريقة الأفلام العربية القديمة، نهايات سعيدة، وإن لم يتوفر في الأحداث أي منطق يقود إلى هذه النهايات. رضوي عاشور