إنَّ الرِّقَّةَ والجزالةَ واللِّينَ والجَفاءَ لا تَرْجِعُ في الشِّعْرِ إلى لُغةِ الشَّاعِرِ، ولا عَصْرِهِ؛ ولكن لعواطفِه، ومعانيهِ، وذوْقِهِ، وللطَّريقةِ الَّتي نشأَ عليها، وللشَّاعرِ الَّذي يحتذيهِ؛ فإنَّ الشَّاعرَ لا ينبتُ كما تنبتُ الشَّجَرةُ؛ بل هُوَ يروي شِعْرَ غيرِه، فيعملُ عليه، ثُمَّ تعرضُ له أمورٌ من نفسِهِ ودَهْرِهِ وعَيْشِه؛ فتؤثِّر فيه قُوَّةً وضَعْفًا، وقد كانوا لا يعدُّونَ الشَّاعِرَ إلَّا مَن رَوَى لغيرِهِ؛ لأنَّه مَتَى رَوَى اسْتَفْحَلَ . مصطفي صادق الرافعي