تُعلمك الحرب أشياء كثيرة. أولها أن ترهف السمع وتنتبه لتقدر الجهة التى يأتى منها إطلاق النيران، كأنما صار جسمك أذنا كبيرة فيها بوصلة تحدد الجهة المعينة بين الجهات الاربع، أو الخمس لأن السماء غدت جهة يأتيك منها أيضاً الهلاك. ثانيها أن تسلم قليلا وألا تخاف إلا بمقدار. القدر الضرورى فقط. لو زاد خوفك مقدار ذرة ،غادرت بيتك بلا داع لأن القصف فى الناحية الأخرى من المدينة، يتحول خوفك إلى مرض خبيث يأكل من جسمك كل يوم حتى يأتى عليه .فتوفرك القذيفة ويقتلك الخوف. ولو قل خوفك مقدار ذرة، ولم تسارع إلى هبوط الدرج إلى الملجأ أو الجلوس على السلم بعيدا عن النوافذ والشرفات، تقتلك القذيفه هكذا فى غمضة عين، لأن القصف يقصد الشارع الذى تسكنه، وربما البناية التى تقيم فيها، وتعلمك الحرب ثالثا أن تنتبه حين تضطر لمغادرة البيت أن تأخذ الأهم فالمهم. مثلا زجاجة ماء أو السيدة العجوز التي قد تضيع منك وأنت تُتَمّم على صغيرتك وأعضاء جسمك. و المؤكد ان هناك رابعاً و خامساً و سادساً تتعلمه من الحرب، لكن دائما تتعلم و إن ورد هذا في الأول أو في الختام، أن تتحمل. تنتظر و تتحمل لأن البديل أن يختل توازنك، باختصار تجن. رضوى عاشور