مصطفى صادق الرافعي
إن هذا العلم هو الذي وضع المسدس في يد المرأة الأوروبية لعاشقها، أو معشوقها! ثم أطرقت قليلًا وتنهدت وقالت: والعلم هو الذي جعل الفتاة هناك تتزوج بإرشاد الرواية التي تقرؤها ولو انقلب الزواج رواية, والعلم هو الذي كشف حجاب الفتاة عن وجهها، ثم عاد فكشف حياء وجهها، وأوجب عليها أن تواجه حقائق الجنس الآخر وتعرفها معرفة علمية, والعلم هو الذي جعل خطأ المرأة الجنسي معفوًّا عنه ما دام في سبيل مواجهة الحقائق لا في سبيل الهرب منها, والعلم هو الذي جعل المرأة مساوية للرجل،وأكد لها أن واحدًا وواحدًا هما واحد وكلاهما أول. والعلم هو الذي عرى أجسام الرجال والنساء ببرهان أشعة الشمس, والعلم - يا عزيزي- هو العلم الذي محا من العالم لفظة أمس لا يعرفها وإن كانت فيها الأديان والتقاليد. قال صاحبها: فقلت لها: كأن العلم إفساد للمرأة! وكأنه تعليم معراتها ونقائصها، لا تعليم فضائلها ومحاسنها. قالت: لا، ولكن عقل المرأة هو عقل أنثى دائمًا، ودائمًا عقل أنثى؛ وفي رأسها دائمًا جو قلبها، وجو قلبها دائمًا في رأسها؛ فإذا لم تكن مدرستها متممة لدارها وما في دارها، تممت فيها الشارع وما في الشارع. العلم للمرأة؛ ولكن بشرط أن يكون الأب وهيبة الأب أمرًا مقررًا في العلم، والأخ وطاعة الأخ حقيقة من حقائق العلم، والزوج وسيادة الزوج شيئًا ثابتًا في العلم، والاجتماع وزواجره الدينية والاجتماعية قضايا لا ينسخها العلم. بهذا وحده يكون النساء في كل أمة مصانع علمية للفضيلة والكمال والإنسانية، ويبدأ تاريخ الطفل بأسباب الرجولة التامة؛ لأنه يبدأ من المرأة التامة.مصطفي صادق الرافعي
اقتباسات أخرى للمؤلف