تقوم الطفولة في عهدها وحوادثها على عقيدة واحدة، هي أن كل ما كان فسيكون غيره، وهي تعرف ذلك يقيناً جزماً لا شك فيه، وحكماً لا معدل عنه، فالصغار على أي أحوال هم كبار الناس في هذا المعنى. إنك لتعرف الرجلَ لا بأس بعقله، ثم تراه فيما ينزل به من الحوادث فإذا هو من النفرة والهم والقلق صورةٌ كاملة من اضطراب فكره في حكمة ما ابتُلي به، فإذا نظرت إلى الطفل في مثل ذلك رأيته صورة أخرى من نفس حزينة راضية مستسلمة قد أقرّت فيها رحمة الله بحكمة الله، فالحزنُ فيها سببُ الهمِّ ولكنه كذلك سببُ الأمل . مصطفي صادق الرافعي