وسألوا الطفلين أسئلة سياسية... ما وطنهما؟ ما جنسُهما؟ أي من أي شارع ومن أي والد؟ ألا ضل ضلالُكم أيها الناس! فلو أنهما يعرفان من أي شارع ومن أي والد لما كان منهما ما ترون، على أن الطفلة لجلجْت في بعض كلمات تشبه اضطراب قلبها، وكان الصواب كله ماثلاً لعينيها مجتمعاً في ذهنها، فالبيت والشارع والأب والأم كل ذلك واضح في خيالها، ولكن الذي استبهم عليها هو تحديدُ نسبته إلى هذا الوجود الذي تراه كله بيوتاً وشوارع ورجالاً ونساء. وإنما تحديد الشيء هو تعبير الطبيعة عنه، وإنما تعيين نسبته من غيره هو تعبير الشيء عن خصائصه، فإذا أنت عرفت نسبتك من سواك، وحصرت هذه النسبة في حدودها وأسوارها، فقد أمنت الخطأ في سعادة نفسك، وأصبحت بتلك المعرفة أسعد إنسان.مصطفي صادق الرافعي