وذلك أنهم يغفلون عن الروح الدينية التي ينشأ عليها المسلمون — أهل هذه العربية — في جهات الأرض، وأن هذه الروح قائمة على نفي العصبية والوطنية كالمصرية وغيرها؛ فقد كانت هذه العصبية عامة في قبائل العرب حتى محاها الإسلام، فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وجعلهم إخوة، ثم نفاها النبي صلى الله عليه وسلم ونفى المؤمنين منها بقوله: ليس منا من دعا إلى عصبية ... الحديث، وما عصبية قبيلة وقبيلة في المعنى إلا كعصبية بلد ٍ وبلد ٍ ومصر ٍ ومصر، وما يقولون به من تمصير اللغة لا يعدو أن يكون وجها من وجوه هذه العصبية الممقوتة، فإنك لتجد المسلمين يختلفون في كل شيء حتى في الدين نفسه ولا تجدهم إلا شعورًا واحدا بالروح الدينية العربية التي مِساكها الكتاب والسنة في عربيتهما الفصيحة، وهي لا سبيل إلى التغيير أو التبديل فيها، لا على وجه التمصير ولا على وجه آخر، وسواء أكان في ذلك إصلاح بين العامية والفصحى أو لم يكن.مصطفي صادق الرافعي