مصطفى صادق الرافعي
فلما كانوا في الطريق وجبت الظهر ، فنزل قيس يصلي بمن معه و الفتاتان تنظران ؛ فلما صاحوا : (الله أكبر ... ) ارتعش قلب مارية ، و سألت الراهب (شطا) : ماذا يقولون ؟ قال : إن هذه كلمة يدخلون بها صلاتهم كأنما يخاطبون بها الزمن أنهم الساعة في وقت ليس منه و لا من دنياهم ، و كأنهم يعلنون أنهم بيدي من هو أكبر من الوجود ؛ فإذا أعلنوا انصرافهم عن الوقت و نزاع الوقت و شهوات الوقت ، فذلك هو دخولهم في الصلاة ؛ كأنهم يمحون الدنيا من النفس ساعة أو بعض ساعة ؛ و محوها من أنفسهم هو ارتفاعهم بأنفسهم عليها ؛ انظري ، ألا ترين هذه الكلمة قد سحرتهم سحرًا فهم لا يلتفتون في صلاتهم إلا شيء ؛ و قد شملتهم السكينة ، و رجعوا غير من كانوا ، و خشعوا خشوع أعظم الفلاسفة في تأملاتهم ؟مصطفي صادق الرافعي
اقتباسات أخرى للمؤلف