أَهَهنا تُفرقنا سبل الحياة لتذهب بك إلى أمجاد الرجل وتسير بي إلى واجبات المرأة؟ أهكذا ينقضي الحلم الجميل وتندثر الحقيقة العذبة؟ أهكذا تبتلع اللُّجّة نغمة الشحرور وتنثر الرياح أوراق الوردة وتسحق الأقدام كأس الخمر؟ أباطلًا أوقفتنا تلك الليلة أمام وجه القمر وباطلًا ضَمّنا الروح في ظلال هذه الياسمينة؟ هل تسرَّعنا بالصعود نحو الكواكب فكلّت أجنحتنا وهبطت بنا إلى الهاوية؟ هل فاجأنا الحب نائمًا فاستيقظ غاضبًا ليعاقبنا؟ أم هيجت أنفاسنا نسمات الليل فانقلبت ريحًا شديدة لتمزِّقنا وتجرفنا كالغبار إلى أعماق الوادي؟ لم نخالف وصية ولم نذُق ثمرًا، فكيف نخرج من هذه الجنة؟! لم نتآمر ولم نتمرّد، فلماذا نهبط إلى الجحيم؟! لا لا وألف لا ولا. إن الدقائق التي جمعتنا هي أعظم من الأجيال، والشعاع الذي أنار نفسينا هو أقوى من الظلام، فإن فرقتنا العاصفة على وجه هذا البحر الغضوب فالأمواج تجمعنا على ذلك الشاطئ الهادئ، وإن قتلتنا هذه الحياة فذاك الموت يحيينا.
Kahlil Gibran