كنت معهم في القطار ولم أكن، لأني منذ ذلك اليوم الذي أركبونا فيه الشاحنة ورأيتهم على الكوم، بقيت هناك لا أتحرك وحتى وإن بدا غير ذلك. ربما كنت أبالغ لأنني كنت أعرف بشكل غامض وغير موعي به تماماً أنني خارج القطار. وقد يرواغني التفسير ويكون السبب مختلفا. .... كيف تسلك في الدنيا إن كان وجودها، كل السنين والشهور والأيام واللحظات الحلوة والمرة التي عاشتها، فضلة حركة عشوائية لقدر غريب؟ كيف تسلك في الدنيا؟ تعي ضمنا او صراحة انها عارية، عارية من المنطق، لاستحالة إيجاد أية علاقة بين السبب والنتيجة أو للدقة استحالة فهم الأسباب حين تتساقط على رأسها نتائج لا تفهم نتائج ماذا، ولم تفعل أي شيء ولم تع بأي شيء، لا لأنها صغيرة فحسب بل لأن وقوع السقف على رأسها كان نقطة البداية، فلماذا سقط السقف في الأول لا الآخر؟ ماذا تفعل؟ كيف تتعامل مع الدنيا؟ أقول اختياران لا ثالث لهما، إما أن يجتاحها حس عارم بالعبث، لا فرق، تعيش اللحظة كما تكون وليكن ما يكون ما دام المعنى غائبا والمنطق لا وجود له والضرورة وهم من بدع الخيال؛ أو تغدو، وهذا هو الاختيار الآخر، وقد وفرها الزلزال، كأنها الإنسان الأخير على هذه الأرض، كأن من ذهبوا أورثوها حكايتهم لتعمر الأرض باسمهم وباسم حكايتهم، أو كأنها تسعى في الدنيا وهم نصب عينيها ليرضوا عنها وعن البستان الصغير الذين حلموا ربما أن يزرعوه. تصيبها حمى من نوع غريب، حمى الزراعة، زراعة غريبة خارج الأرض، لأن الأرض سرقت واستحالة الزراعة إلا في الحيز المنزلي. رضوي عاشور