و في عام 1963 أقيمت مباراة في كأس مصر بين الزمالك و القناة على ملعب الأهلي، و كان حكم المباراة هو العميد علي قنديل الذي كان أحد أعضاء منتخب مصر في نهائيات كأس العالم لكرة القدم في إيطاليا 1934، و الحائز على وسام الرياضة من الدولة المصرية. و يروي الناقد الرياضي عبد الرحمن فهمي ما جرى وقتها فيقول: قبل نهاية المباراة شعر جمهور الزمالك بأن المباراة لن تنتهي لصالحهم فقام بإلقاء طوب و حجارة و زجاجات فارغة في الملعب، حتى تعذر على حجم المباراة إدارتها، فطلب من رئيس فريق الزمالك و من إدارييه المحافظة على النظام و تهدئة الجمهور، و إلا اضطر إلى إنهاء المباراة فورًا و احتساب النتيجة في غير صالح الزمالك. ثار لاعبو الزمالك على الحكم علي قنديل، و كان أكثرهم ثورة اللاعب محمد رفاعي، و كان يومها مجندًا كعسكري و في الجيش. و كان علي قنديل برتبة عميد. و ظهر عدد مجلةالمصور بعد أيام وفيه عدة صور تدل على عدم الانضباط الخلقي و الرياضي و العسكري، محمد رفاعي يمسك بتلابيب علي قنديل بيد، و يرقع يده الثانية إلى أعلى و كأنه سيهوي بها عليه صافعًا إياه على وجهه! أيامها كان محمد رفاعي هو الظهير الطائر أو الأسد في عرينه كما كان يُطلق عليه الناقد الرياضي نجيب المستكاوي. لاعب مشهور بصلابته كمدافع يجيد الانطلاق إلى الأمام، حتى إنه عندما أصيب في العمود الفقري عام 1963 أثناء المشاركة في دورة البحر المتوسط في نابولي بإيطاليا، سارع المشير عبد الحكيم عامر إلى تسهيل إجراءات سفر اللاعب للخارج للعلاج و العودة للملاعب. يقول عبد الرحمن فهمي: كان اتحاد الكرة يومها واقعًا تحت تأثير نادي الزمالك، فرئيسه المباشر عبد الحكيم عامر، و نائب الرئيس الفريق عبد العزيز مصطفى، و الوكيلان محمد حسن حلمي و حسن عامر. و كاد الأمر يمر بسلام، لولا أن اللواء عبدالله رفعت كحكم قديم و كإداري مسؤول و كضابط سابق يعرف اللوائح و يقدس النظام، و كرياضي قديم رفض هذا الوضع و دعا لاجتماع عاجل لاتحاد الكرة، فلم يستمع له أحد! و لكن في أول اجتماع رسمي للاتحاد بعد ذلك، و لم يكن مدرجًا هذا الموضوع الخطير في جدول أعماله أصر عبدالله رفعت على إثارته، و قال: أن يضرب عسكري عميدًا في الجيش على الملأ في ملعب كرة و على صفحات الجرائد و المجلات فهو أمر خطير من ناحية البلد قبل أن يكون من ناحية الرياضة. أنا كرجل عسكري لا أقبل على جيش بلدي أن يرى هذه المهزلة أمام عينيه، و يصمت، و خاصة أن رئيس الاتحاد هو قائد الجيش! و نظر أعضاء الاتحاد بعضهم لبعض، و لم يتكلموا، و أصر عبدالله رفعت على اتخاذ إجراء رياضي ضد رفاعي، على الأقل، و هو ما يملكونه الآن، على أن يرفعوا توصية إلى إدارته في الجيش لمعاقبته فورًا. و لم يعلق أعضاء الاتحاد، و لم يفتح أحد فمه بكلمة واحدة، و بعد يومين كان عبدالله رفعت في منزله، فدق جرس التليفون، و قال المتحدث: اللواء عبدالله رفعت موجود...طيب استعد المشير حيكلمك. و بعد برهة، كما يروي عبد الرحمن فهمي، تحدث المشير قائلًا: أنا وصلني كل الكلام، اللي قلته في اتحاد الكرة، من يومين عبدالله يا رفعت....أنت فاكر الحكاية فوضى؟! و ظن الرجل أن المشير أخذ بوجهة نظره التربوية فقال له: ده برضه كان عشمنا يا فندم! قال المشير: عشمك في ايه؟! رد الرجل: عشمنا في سيادتك، أنا قلت إن سيادتك لا يمكن أن تقبل هذا الوضع الخاطئ و لا يمكن تقبل أن يتعدى عسكري على عميد في ملعب كرة مهما كان السبب! و قال المشير: أنت مش عارف العسكري ده اللي بتقول عليه يبقى مين! أجاب عبدالله رفعت:أيوه يا فندم..ده يبقى محمد رفاعي. قال المشير: مش عارف رفاعي ده بيلعب لأي نادي؟ رد: لنادي الزمالك يا أفندم. و سأل المشير: مش عارف نادي الزمالك ده يبقى رئيسه مين؟ قال: يبقى رئيسه المهندس حسن عامر يا أفندم. قال المشير: ما تعرفش أن حسن عامر ده يبقى أخويا؟! قال: عارف يا أفندم. و رد المشير قائلًا: طيب ما دام أنت عارف...تهاجم إزاي نادي الزمالك؟! قال الرجل: أنا ما جبتش سيرة نادي الزمالك خالص يا أفندم... أنا بتكلم عن الأصول التربوية..و النظام في القوات المسلحة. رد المشير: أنت حتعلمني النظام في القوات المسلحة يا عبدالله؟! أجاب الرجل: مش قصدي يا أفندم..بس لما يشوف الناس عسكري في الجيش بيضرب عميد في الملعب، و اللي ما شافوش في الملعب شافه على صفحات الجرائد و المجلات، يبقى ايه الوضع؟ و بسرعة قال المشير متسائلًا: و هو رفاعي كان لابس عسكري، و على قنديل كان لابس عميد في الملعب؟ و أجاب اللواء عبد الله رفعت قائلًا: لا يا أفندم، بس كل القوات المسلحة على الأقل زملاؤهم عارفين. ثم من الناحية الرياضيةكانيا أفندم و قاطع المشير الرجل قائلًا: أنت حتعلمني النواحي العسكرية و النواحي الرياضية كمان يا عبدالله رفعت؟ رد الرجل: مش قصدي يا أفندم . ياسر ثابت