ولعل النشأة الأولى التي أنشأها الرب سبحانه فيها بالعيان والمشاهدة أعجب من النشأة الثانية التي وعدنا بها إذا تأملها اللبيب. ولعل إخراج هذه الفواكه والثمار -في الدنيا- من هذه التربة الغليظة والماء والخشب والهواء المناسب لها، أعجب عند العقل من إخراجها من تربة الجنة (المسك) ومائها (الصافي النقي) وهوائها، ولعل إخراج هذه الأشربة التي هي غذاء ودواء وشراب ولذة من بين فرث ودم ومن قيء ذياب أعجب من إجرائها أنهارا في الجنة، ولعل إخراج جوهري الذهب والفضة من عروق الحجارة من الجبل وغيرها أعجب من إنشائها هناك بأسباب أخر، ولعل إخراج الحرير من لعاب دود القز أعجب من إخراجه من أكمام الشجر في الجنة، ولعل جريان بحار الماء بين السماء والأرض على ظهور السحاب أعجب من جريانها في الجنة في غير أخدود. ابن قيم الجوزية