ولهذا كان الصبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصبر لشدة الداعي إليهما وسهولتهما، فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان كالنميمة، والغيبة، والكذب، المراء، والثناء على النفس تعريضًا وتصريحًا، وحكاية كلام الناس، والطعن على من يبغضه، ومدح من يحبه ونحو ذلك، فتتفق قوة الداعي وتيسر حركة اللسان، فيضعف الصبر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: امسك عليك لسانك. فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال : وهل يكب الناس في النار على .مناخرهم إلا حصائد السنتهم؟! ولا سيما إذا صارت المعاصي اللسانية معتادة للعبد، فانه يعز عليه الصبر عنها، ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار ويتورع من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة، ويطلق لسانه في الغيبة والنميمة، والتفكه بأعراض الخلق، والقول على الله ما لا يعلم! ابن قيم الجوزية