اللذة الجسمانية المتحدة فى النوع مهما تخالفت فى الأفراد فهى دائما واحدة. فإن أفراد اللذة المتحدة فى النوع تتشابه إلى حد تكاد لا تتميز إلا باختلاف الزمان والمكان مثلا. فما يحصل منها أولاً هو مايحصل ثانياً وثالثاً ورابعاً وهكذا ..ـ ومن البدهي ان تكرار لذة بعينها مهما كانت سواء كانت لذة نظر أو لذة سمع أو لذة ذوق أو لذة لمس يفضى فى الغالب إلى فقد الرغبة فيها فيأتى زمن لا تنتبه الأعصاب لها لكثرة تعودها إياها .ـ والأمر بخلاف ذلك بالنسبة للذة المعنوية هذه اللذة فى طبيعتها يمكن تجددها فى كل آن. تأمل فى مسامرة صديقين تجد انها كنز سرور لا يفنى، متى تلاقيا يفرغ كل منهما روحه فى روح الآخر، فيسرى عقلهما من موضوع لموضوع، وينتقل من الجزئيات إلى الكليات، ويمر على الآلام والآمال والقبيح والحسن والناقص والكامل. كل عمل أو فكر أو حادث أو اختراع يكسب عقلهما غذاء جديداً ، ويفيد أنفسهما لذة جديدة. كل مظهر من مظاهر حياة أحدهما العقلية والوجدانية، وكل ما تحلت به نفسه من علم وأدب وذوق وعاطفة، تنعكس منه على نفس الآخر لذة جديدة، ويزيد فى رابطة الألفة بينهما عقدة جديدة. قاسم أمين