هكذا، لأنني بصراحة أرانا متخمين بالغرب، وهذا الغربُ الذي زرت كثيراً من مدنه، جميلة نعم، متقدمة نعم، متمدينة نعم، لكني لم أشعر في أفضلها بالنسبة لي، كباريس، وميونخ، وكييف، وفيينا؛ إلا بالاغتراب، بشعور أصمٍّ وبارد يكاد يكون حاجزاً بيني وبين ناس هذه المدن الغريبة، شيء كالحاجز الزجاجي الذي يحسه طبيبٌ نفسيٌّ بينه وبين مرضى الفصام، لا أعني بالطبع أن هذا الغرب ساحة للفصام والفصاميين، لكن أقصد هذه الطبيعة غير الدافئة تجاهنا ومعنا، وهي الشيء النقيض لطبيعة الناس في الجنوب والشرق اللَّذَين عشقت ترحالي في أرجائهما. محمد المخزنجي