الزمن جنس .. يشمل الليل والنهار .. الليل والنهار كظاهرتين - وقد يظنَ البعض أنها متعارضتان أو متناقضتان، لإن هذا نور ، وذلك ظلام ، نقول ، لا .. النور لم يأت ليعارض الظلام ، والظلام لم يأت ليعارض النور ، ولذلك لا يصح أن نقارن بين نور وظلام ، لإن لكل واحد منهما مهمة يؤديها لا يستطيع الآخر أن يؤديها ، فما دام الزمن قد انقسم إلى ليل ونهار ، فنقول .. إن الزمن بجنسيته له معنى ، وهو أنه ظرف لحدوث الأشياء فيه ، هذا هو المعنى المشترك ، وبعد ذلك انقسم إلى نوعين ، وهذان النوعان ، نهار وليل ، فلابد أن يكون للنهار مهمة وأن تكون لليل مهمة أخرى . وحين يعرضها عرضاً واضحاً معللاً فيقول هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه .. والنهار مبصرا .. إذا فقد جاء بعلة وجود الليل ، وهو السكن والهدوء والراحة والاستقرار ، والنهار للكدح والعمل .. إذا فلا نستطيع أن نقول أن الدنيا كنهار دائم .. أو الزمن كنهار دائم ينفع ، ولا الزمن كليل دائم ينفع ، يعرضها القرآن أيضاً فيقول : قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة ، من إله غير الله يأتيكم بضياء ، أفلا تسمعون ، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة ، من إله غير الله يأتيكم بليلِ تسكنون فيه أفلا تبصرون إذا فالحق من رحمته أن جعل الزمن ، الذي هو كجنس .. ظرفاً لحدوث الأشياء فيه ينقسم إلى نوعين ، كل نوع يؤدي مهمة ، فلو أردنا أن نشبه الليل بالنهار أو النهار بالليل ، فنكون قد خرجنا بالنوعين عن المهمة الأصلية لهما. الحق سبحانه وتعالى ، حينما عرض قضية الليل والنهار - وهذه قضية كونية لا يختلف فيها أحد ، لإننا جميعاً نجعل الليل للسكن والراحة ، والنهار للكدح - عرضها سبحانه وتعالى ليقدمها أيناساً للقضية التي يمكن أن يختلف فيها ن وهي قضية الرجل والمرأة فقال : ..والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى هذان نوعان من الزمن ، ثم أتى بالنوعين الآخرين اللذين يمكن أن يختلف فيهما فقال : وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى . محمد متولي الشعراوي
اقتباسات أخرى للمؤلف