صباح الخير أيها النهاريون.. صباح الخير يا طنجة المنغرسة في زمن زئبقي.. هاأنذا أعود لأجوس كالسائر نائماً عبر الأزقة والذكريات، عبر ما خططته عن حياتي الماضية الحاضرة، كلمات واستلهامات الندوب لا يلهمها القول، أين عمري من هذا النسَج الكلامي؟ لكن عبير الأماسي والليالي المكتظة بالتوجّس واندفاع المغامرة يتسلل إلى داخلي لكي يعيد رماد الجمرات غُلالة شفافة آسرةً، لقد علمتني الحياة أن أنتظر أن أعيَ لعبة الزمن بدون أن أتنازل عن عمق ما استحصدته، قل كلمتك قبل أن تموت فإنها ستعرف حتماً طريقها, لا يهم ما ستؤول إليه, الأهم هو أن تُشعل عاطفة أو حزناً أو نزوة غافية، أن تشعل لهيباً في المناطق اليباب الموات، فيا أيها الليليون والنهاريون.. أيها المتشائمون والمتفائلون.. أيها المتمردون.. أيها المراهقون.. أيها العقلاء لا تنسوا.. لا تنسوا أن لعبة الزمن أقوى منا، لعبة مميتة، لا يمكن أن نواجهها إلا بأن نعيش الموت السابق لموتنا بإماتتنا أن نرقص على حبال المخاطرة نشداناً للحياة، أقول: يخرج الحي من الميت، يخرج الحي من النتن والمتحلل، يخرجه من المثخن والمنهار، يخرجه من بطون الجائعين ومن صلب المتعيّشين على الخبز الحاف. محمد شكري