واعلم أن حقيقة الكفر والإيمان وحدًهما، والحق والضلال وسرًهما، لا ينجلي للقلوب المدنسة بطلب المال والجاه وحبهما، بل إنما ينكشف ذلك لقلوب طهرت عن وسخ أوضار الدنيا أولا، ثم صقلت بالرياضة الكاملة ثانيا، ثم نورت بالذكر الصافي ثالثا، ثم غذيت بالفكر الصائب رابعا، ثم زينت بملازمة حدود الشرع خامسا، حتى فاض عليها من النور من مشكاة النبوة، وصارت كأنها مرآة مجلوة، وصار مصباح الإيمان في زجاجة قلبه مشرق الأنوار، يكاد زيته يضيء ولو لم تمسسه نار. أبو حامد محمد الغزالي