إعلم أن من لم يكن حظه من معاني أسماء الله تعالى إلا بأن يسمع لفظه، ويفهم في اللغة تفسيره ووصفه ويعتقد بالقلب وجود معناه في الله تعالى /فهو مبخوس الحظ/ نازل الدرجة، ليس يحسن به أن يتبجح بما ناله. فإن سماع اللفظ لا يستدعي إلا سلامة حاسة السمع التي بها يدرك الأصوات وهذه رتبة يشارك البهيمة فيها. وأما فهم وضعه في اللغة، فلا يستدعي إلا معرفته العربية وهذه رتبة يشارك فيها الأديب اللغوي، بل الغبي البدوي. وأما اعتقاد ثبوت معناه لله تعالى من غير كشف، فلا يستدعي إلا فهم معاني هذه الألفاظ والتصديق بها. وهذه رتبة يشارك فيها العامي، بل الصبي...فإنه بعد فهم الكلام إذا ألقى إليه هذه المعاني تلقاها، ولقنها، واعتقدها بقلبه، وصمم عليها[...] ولكنه نقص ظاهر إلى ذروة الكمال؛ فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين. أبو حامد محمد الغزالي