أما الآفة التي في حق الراد فعظيمة: إذ ظنت طائفة من الضعفاء أن ذلك الكلام إذا كان مُدوَّناً في كتبهم ، وممزوجاً بباطلهم ، ينبغي أن يُهجر ولا يُذكر بل يُنكر على [ كل ] من يذكره ، إذ لم يسمعوه أولاً إلا منهم ، فسبق إلى عقولهم الضعيفة أنه باطل ، لأن قائله مُبطل ؛ كالذي يسمع من النصراني قوله: (( لا إله إلا الله عيسى رسول الله )) فينكره ويقول: (( هذا كلام النصارى )) ولا يتوقف ريثما يتأمل أن النصراني كافر باعتبار هذا القول ، أو باعتبار إنكاره نبوة محمد عليه الصلاة والسلام!؟ فإن لم يكن كافراً إلا باعتبار إنكاره ، فلا ينبغي أن يخالف في غير ما هو به كافر مما هو حق في نفسه ، وإن كان أيضاً حقاً عنده. وهذه عادة ضعفاء العقول ، يعرفون الحق بالرجال ، لا الرجال بالحق. أبو حامد محمد الغزالي